ذا جريل
ذات مساء يضج بالصمت .. خرجت برهة من الوقت لجلب غرض أحتاجه , سرت الامور بسلاسة معتادة .. توالت الصدف على مقربة مني كمن يقرأ كتابا بملل ,, مررت على منصة القهوة المبجلة .. جلست بوجل وحدقت في الارجاء كمن لم يعد يعرف المكان ,, سوى بعض زقزقة لحمام اعتاد التجمع بالقرب دون اشتباه .. احتسيت قهووتي على عجل وغادرت لألحق بموعد تم طبخه على الجليد من شدة الاحتراق .. صعدت على متن النسيان لأصل الى حيث كنت اتكلم .. اجتزت بلاد المطر بسرعة الارتباك أمام تنوع أجناسها ,, وأديانها وأطيافها ,, وصلت الى الموعد المكتوب إيجازا على جبين كل منا بلعب كرة القدم .. ربما لأنها آخر مايجمعنا معا .. أو هكذا يدعي الوطن .. قيل لي مرارا أنني لست كما كما أظن .. أو “أنني لا أفهم أولا .. لكي أفهم” .. ولكن كل هذا بات محض تراث يهترئ كلما دققت فيه النظر !
دوت الضحكات وغمرت قصور الفهم .. والأيدي العانية التي تمزق وهج المكان .. خرجنا نتجاذب سمرا اضراريا على هامش اللحظة ,, ولدت في داخلي رغبة في الهرب بيد أن العنترية أجبرتني على العودة .. كان موقفا يحمل ذكرى عجزت عن دفنها .. ولكن الزلازل تأتي حين تأتي ..
وضعت في مواجهة ماجنة مع الذكرى دون أية أسلحة .. أضف الى ذلك أنني لم أصل الى مرحلة الادراك بعد التي تؤهلني إلى أن أصبح لغة ينصت لها الآخرون .. لكنه حدث فأحببت أن أخرج عن طبيعتي لبرهة وأكون سيد الموقف !
فاجأت البعض بكلامي .. والآخرون انتظروا شيئا جديدا .. وظللت أنظر من فوق من على كتف أحد العمالقة ,, أنظر لنفسي املأ شخصيتي الجديدة بالترهات .. لكنه كان شيئا جميلا لو كنت هناك !
أطل الصباح بنسيم يندر أن يتكرر .. غادرنا مسرح الصدفة ذاك .. وخرجنا نمارس الصباح بأريحية القهوة البيضاء .. وفعلا اختزل ذاك الصباح تعب ذاكرة مهترئة أعددتها مليا لإعادة البرمجة وهي ترفض بعناد .. وعاد كل شيء الى ماكان عليه ,, ياإلهي كم كنت بلطجيا ,, حتى أفصح عن هويتي كمكتب استعلامات ..